بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 18 يناير 2011

(1) شفيق أحمد على


الكاتب الصحفى شفيق أحمد على


هذه سلسلة من الموضوعات عن شخصيات صحفية لم تاخذ حقها لا فى المناصب ولا فى الأهتمام الكافى اللازم بما انجزته فى مجال المهنه ومانفعله هو أننا سنسلط الضوء على الأسم فاتحين الباب لشهادات بشأن هذه الشخصية وشخصية اليوم هو الصحفى المدقق والمحقق شفيق أحمد على وهو واحد من ابرع الصحفيين فى مجال التحقيق الصحفى وقد ترك بصمة لا تنسى سواء باختيار موضوعاته التى كانت تصلح غالباً للصدور بعد ذلك فى كتب كونها ليس من نوعيه الموضوعات غير المقرؤءة التى تسود بها الصفحات لملىء الفراغات
وشفيق أحمد على الذى تولى مدير تحرير جريدة العربى الناصرى التى لم يكتب لها الأستمرار معروف فى الوسط الصحفى بدماثة الخلق وقد كنت - كاتب هذه السطور - فى نقابة الصحفيين العام 2003 بنقابة الصحفيين عندما كان على المنصة وتقدم صحفى ينتمى للتيار الناصرى يشكى ويبكى من عدوان صحفى بالأهرام عليه فانحاز جل إن لم يكن كل الموجودين للزميل الناصرى غير شفيق الذى رفض اتخاذ موقف قبل سماع الطرف الثانى للوقوف على حقيقة ماجرى وقد ثبت فيما بعد بعد نظره ودقه حكمة أما فى جريدة العربى وحيث لم أكن ممن شاركوا فى تجربتها فأنى أستعير مقال للزميل سعيد شعيب يروى موقف له مع شفيق أحمد على  ومنشور باليوم السابع بتاريخ
الإثنين، 18 أكتوبر 2010 -  وعنوانه  "اعتذار متأخر لشفيق أحمد على " وهذا نصه
 
(هو الصحفى الكبير شفيق أحمد على، وكان فى النصف الثانى من تسعينيات القرن الماضى يعمل مديرا لتحرير جريدة العربى اليومية ورئيس التحرير هو الأستاذ عبد الله إمام رحمه الله. وكان صديقى وأخى جمال فهمى يعمل مديرا لتحرير العدد الأسبوعى وكنت مسئولا عن الديسك المركزى.
وسبب الاعتذار أننى أخطأت فى حق الأستاذ شفيق وهو رجل دمث الخلق وكاتب كبير، وصحفى رفيع المستوى وبدون أدنى شك من أكفأ الصحفيين أبناء جيله.
الحكاية أن فريق العدد الأسبوعى وقتها استطاع أن يقدم تجربة مهنية شجاعة، فكانت هناك طرق مبتكرة فى الصياغة والعناوين والشكل. وعلى مستوى المضمون كانت هناك جسارة فى اختيار الأخبار والتحقيقات والحوارات وغيرها من فنون العمل الصحفى.
وأثار العدد الأسبوعى جدلا واسعا، ما بين مساند ومؤيد، وما بين رافض، وكان منهم رئيس التحرير. كما أثار غضب بعض من رجال السلطة وعلى رأسهم الدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء وقتها بسبب نهج الصحيفة، بالإضافة إلى تحقيق صحفى كان منشورا فى الصفحة الثالثة، وصورته بالزى العسكرى.
وكان من الواضح أن الأمور لن تمر بسلام، وانتهى الأمر بقرار الأستاذ عبد الله إمام رئيس التحرير بإقالة الأستاذ جمال فهمى مدير التحرير وصاحب الفضل الأول فى هذه التجربة الفريدة. فالرجل رحمه الله وادخله فسيح جناته لم يكن معجبا بهذه الطريقة فى العمل، لأنها تختلف تماما مع قناعاته الصحفية، وكان طبيعيا أن أتضامن مع الأستاذ جمال وأقرر عدم العمل مع غيره، فهذه تجربتنا، ومن ناحية أخرى من حقى كصحفى أن أختار السياسة التحريرية التى أعمل فى ظلها، والحقيقة أن هذا كان موقف الكثير من الزملاء.
والخطيئة التى وقعت فيها أننى حاربت بطريقة غير لائقة اختيار الأستاذ شفيق أحمد على، وهو كما قلت رجل وطنى صحفى بارع. واشتركت مع آخرين فى الإساءة الشديدة له. ومع ذلك فلم يعاتبنى الرجل رغم أننا تقابلنا كثيرا فيما بعد، ورغم أننى متأكد أنه مجروح.
ومن وقتها تعلمت الدرس الأهم فى حياتى الصحفية، وهو أنه لا يجوز أن أحول أى خلاف مهنى أو سياسى إلى حملة تشويه، فهو فى النهاية مجرد خلاف، وليس من حقى أبدا احتكار الوطنية، ولا احتكار الحقيقة.
فهل يقبل الأستاذ الكبير شفيق أحمد على اعتذارى؟
أتمنى. )
واختار من بين الموضوعات التى حققها الكاتب الصحفي "شفيق أحمد علي" موضوع سعد حلاوة حيث حرص على توثيق ملابسات هذا الحادث الفريد في كتاب يحمل اسم "عملية اغتيال سعد حلاوة"، وبدأه بمقدمة تحمل عنوان: "بعد إذن العقلاء". واليكم قصة




(سعد حلاوة.. مجنون مصر الجميل )


حين بكت والدته تطالبه بترك السلاح، وحين بح صوت شيخ القرية يذكره بحرمة ما يفعل.. طلب منهما ألا يضيعا الوقت فإنه يعتبر نفسه شهيدًا، وأنه منذ هذه اللحظة قد أصبح "المرحوم" سعد حلاوة.. وسيظل متمسكًا بموقفه حتى يتم ترحيل سفير الكيان الصهيوني عن مصر، وإلا فليبدءوا في حفر قبره الذي سيضعون فيه جثمانه إلى الأبد.

هو سعد إدريس حلاوة المزارع ابن محافظة القليوبية أول من مات رفضا للتطبيع بين مصر وإسرائيل في فبراير عام 1980؛ حيث شغلت قصة حلاوة العالم في تلك الفترة التي مضى فيها الرئيس السادات في تنفيذ مخطط التطبيع مع إسرائيل بالرغم من الرفض الشامل لهذه الخطوة من كافة التيارات السياسية بمختلف توجهاتها.

وترجع قصة حلاوة المولود في الثاني من مارس 1947 في أسرة ريفية متوسطة اقتصاديا، تمتلك عدة أفدنة زراعية بقرية "أجهور" التي تبعد نحو 30 كم عن العاصمة القاهرة. وهو أخ لخمسة أشقاء وشقيقة واحدة جميعهم تلقوا تعليمًا عاليًا وتولوا وظائف حكومية باستثناء سعد الذي اكتفى بالمرحلة الثانوية واتجه إلى مساعدة والده في زراعة الأرض.

وظلت حياته هادئة وطبيعية في القرية مثل ملايين المصريين، يذهب إلى الحقل مبكرًا ويعود إلى المنزل في الغروب، ويؤدي الفرائض بانتظام، ولا ينتمي لأي تنظيم سياسي باستثناء التنظيم الذي يسميه البعض "تنظيم الشعب" ويقصد به المواطن العادي الغيور على مصلحة وكرامة مصر، وهو تنظيم يضم في عضويته الملايين من أبناء هذا الوطن.

الثلاثاء الحزين

يوم الثلاثاء 26 فبراير 1980.. منتصف النهار تماما.. سيارة سوداء تتحرك في شوارع القاهرة من الجيزة إلى قصر عابدين في وسط القاهرة.. في مقدمتها علم صغير شاذ عن الفضاء النقي من حوله يحمل نجمة داود.. وبداخل السيارة شخص نصف ملتح طويل القامة هو "إلياهو بن أليسار" أول سفير إسرائيلي يتم اعتماده لدى مصر وفقًا لمعاهدة السلام. وعلى استحياء تم الإعلان عبر وسائل الإعلام المصرية عن أن الرئيس السادات سوف يستقبل السفير إلياهو في قصر عابدين ليقدم أوراق اعتماده، ووقع هذا النبأ كالصاعقة على ملايين المصريين الذين اعتادوا اختزال معاناتهم وتجميعها في مخزن الذاكرة. ولم يتمكن شاب في الخامسة والثلاثين من عمره تحمل هذه الصدمة، وكان هذا الشاب هو سعد إدريس حلاوة. وهداه تفكيره الذي لم يطل إلى إحداث فعل يزلزل السلطة -المخطئة من وجهة نظره- فعمد إلى احتجاز ممثلي هذه السلطة في مجتمعه الذين لم يكونوا سوى صغار الموظفين العاملين في مكتب الخدمات التابع للوحدة المحلية بقريته الصغيرة.

في نفس التوقيت الذي كان الرئيس السادات يعانق "بن أليسار" في قصر عابدين اتجه سعد حلاوة إلى مقر الوحدة المحلية بقرية أجهور في القليوبية ومعه حقيبة جلدية بها رشاش ماركة بور سعيد صناعة محلية ومسدس روسي قديم وكمية من الطلقات، وراديو، وكشاف إضاءة وعدد من شرائط الكاسيت تتضمن عددا من الأغاني الوطنية التي غناها عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وعبد الوهاب وغيرهم.

مفاجآت قروي بسيط


صعد حلاوة إلى مكاتب الموظفين بالوحدة، وفجأة أخرج من الشنطة الرشاش، وأمر كل الحاضرين بالثبات في مواقفهم بدون أي حركة، لكن تصور البعض أنها مجرد مزحة؛ فسعد حلاوة هو الطيب الهادئ الذي لم يعرفوا عنه إلا الجد في العمل وطيب المعشر، بينما هرب البعض الآخر بلا أي ردة فعل من سعد رغم ما يملك من خزائن رصاص لأنهم يعرفون جيدا وربما هو يعرف أيضا أنه لن يطلق الرصاص أبدا، لم يبق بالغرفة سوى اثنين من موظفي الوحدة ألجمتهما المفاجأة.

أمرهما بعدم الحركة لأنهما رهائن مع وعد بعدم المساس بحياتهما طالما امتثلا لتعليماته، وأوضح لهما أنه لا عداء بينه وبينهما، ومشكلته مع من يستقبلون الأعداء، وبالفعل وضع مكبر الصوت وبدأ يخاطب أهالي القرية الذين ملئوا ساحة الوحدة المحلية وأسطح المنازل المجاورة. وأبلغهم بأنه ليس شريرا ولا مجرما. لكنه قرر أن يتحدى قرار السادات ويثأر لكرامة الوطنية على طريقته الخاصة.

السادات يتحدى حلاوة

وعلى الفور انتقل الخبر إلى القاهرة وقرر وزير داخلية الرئيس السادات اللواء "النبوي إسماعيل" توجيه قوات الأمن والفرق الخاصة والقناصة إلى قرية أجهور لمواجهة الموقف غير المتوقع أمنيًا. فلم يكن يخطر على بال النبوي إسماعيل أن يأتي رد الفعل الشعبي من فلاح في قرية متواضعة.

امتلأت شوارع القرية الضيقة بالقوات وبدأت المفاوضات عبر مكبرات الصوت بين وزير الداخلية ومحتجز الرهائن سعد حلاوة الذي حذر القوات من أي محاولة لاقتحام المبنى؛ لأنه وضحاياها سيكونون في عداد الموتى، وأعلن مطالبه صراحة، وكانت كالآتي: طرد السفير الإسرائيلي من مصر، وإغلاق سفارتهم عندنا، وأن يتم إعلان ذلك في بيان رسمي يبث في الإذاعة المصرية مباشرة بعدها يتم إعلان الإفراج عن الرهائن والتسليم للشرطة. ولكن وزير الداخلية أبلغ الرئيس السادات بالمطالب فسخر منها وأصدر أوامره بالتعامل معه باعتباره مجرمًا. وحاول النبوي إسماعيل إقناع سعد حلاوة بأن يسلم نفسه مقابل عدم تقديمه للمحاكمة ولكنه عاد وكرر مطالبه الواضحة، مع إضافة توجيه سيل من السباب والشتائم إلى الرئيس السادات وزوجته ومعاونيه واتهامهم بالخيانة عبر مكبر الصوت.

استدعى وزير الداخلية النبوي إسماعيل والدة سعد حلاوة للتوسل إلى ابنها بتسليم نفسه، ولكنه ناقش والدته بهدوء وطلب منها أن تقرأ على روحه الفاتحة، ووسط بكاء والدته رفض الاستجابة وتمسك بمطالبه فاستدعوا شيخ القرية وكان صاحب تأثير كبير عليه فيما سبق، ولكن دون جدوى. وكان رد فعل حلاوة أنه أدار شريط الأغاني الوطنية والحماسية في هذه الأثناء. كان الليل قد أرخى سدوله، وأخرج من جيب "البالطو" كشاف ضوء صغيرا اطمئن به على الرهينتين المقيدتين في جانب من الغرفة، بينما فرق الأمن تحيط المبنى من كل اتجاه.

قريبا من النهاية..

غطت عملية احتجاز الرهائن في قرية أجهور على الخبر الهام المرتبط بتقديم أوراق اعتماد أول سفير لإسرائيل في مصر، وتوجهت معظم وسائل الإعلام إلى موقع الحادث، وبدأت وكالات الأنباء في توزيع الخبر، وشعر الرئيس السادات بالحرج من أصدقائه في تل أبيب والولايات المتحدة فأصدر أوامره للنبوي إسماعيل بإنهاء العملية قبل أن تتوسع أجهزة الإعلام في متابعتها وتغطية تفاصيلها وتحويل سعد حلاوة إلى بطل ربما تجذب قصته آخرين بما يغري بتكرارها. وبالفعل غافل أحد القناصة سعد الذي أرهقه التعب وأدى الظلام إلى توتره وهجم عليه من الحجرة المجاورة موجهًا إليه دفعة رصاص استقر معظمها في الرأس فسقط على الفور بعد أن تهشمت جمجمته.

ومات الرجل الذي حمل السلاح لكنه لم ينو أن يستخدمه؛ لأنه لا يعرف إلا الفأس.. وانتهت العملية بنبأ نشرته صحف صباح اليوم التالي في ركن الحوادث: "مختل عقليًا يحتجز رهائن في إحدى قرى القليوبية".

وبالرغم من التعتيم المحلي على كل تفاصيل الحادث وأبعاده السياسية في ذلك الوقت واتهام صاحبه بالخلل العقلي والجنون، فإن رد الفعل الخارجي كان مدويا، وأصبح للحادثة صدى إعلاميًا مؤثرًا في الأوساط السياسية والثقافية وصل إلى أن يرثي الشاعر الكبير "نزار قباني" سعد حلاوة بقصيدة شهيرة بعنوان: صديقي المجنون سعد حلاوة. وقال نزار عن الرجل في بعض مقاطعها:

سعد إدريس حلاوة

هو مجنون مصر الجميل

الذي كان أجمل منا جميعًا

وأفصح منا جميعًا

ويضيف نزار ناثرًا: "وأجمل ما بسعد أنه أطلق الرصاص على العقل العربي الذي كان يقف على شرفة اللامبالاة يوم 26 فبراير 1980، ويتفرج على موكب السفير الإسرائيلي، والقصة انتهت كما تنتهي قصص كل المجانين الذين يفكرون أكثر من اللازم ويحسون أكثر من اللازم ويعذبهم ضميرهم أكثر من اللازم.. أطلقوا النار على المجنون؛ حتى لا ينتقل جنونه إلى الآخرين…".

وإلى لقاء أخر مع علامة أخرى من علامات بلاط صاحبة الجلالة المعاصرين




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق